م أفكر يوما في كتابة مذكرات شخصية عن حياتي لسبب بسيط، وهو أنني لم أعتبر قط أن حياتي تستحق التدوين بالتفصيل الذي تستدعيه كتابة المذكرات، إال إذا كنت سأثقل حواشيها بالتوافه التي ال قيمة لها، أو اإلدعاءات العريضة التي ال نصيب لها من الحقيقة، كما يفعل بعضهم، وهو األمر الذي جعلني ال أرغب في قراءة بعضها مما يقع في وهلي أنها ربما تكون ذات جدوى مثل المذكرات السياسية أو العسكرية التي كتبت عن الحربين العالميتين : )1914 و 1939 )فأجدني أنصرف عنها لما ألمسه فيها من التزيد ومخالفة الواقع. وأمر آخر، هو ما جد في كتابة التراجم مما يسمونها بالتحليل النفسي، وما يتضمنه من التلفيقات واالفتراضات التي تصبح أحكاما هدفها الوحيد تحطيم الشخصية اإلنسانية للمترجم لمجرد أنه مرض في صغره مثال بمرض معين أو أحب في شبابه شيئا ما ثم نزع منه، وما شابه ذلك مما يجيء في كالمه عرضا أو يتحدث به عنه زميل له أو فرد من أفراد أسرته ربما كان هو ال علم له به وال صلة بينه وبين ما نسباه إليه، بل لعله من انعكاسات التصورات الذاتية التي يثيرها فضول المحللين النفسيين فيؤدي األمر إلى ما يعبر عنه المثل العربي القائل »رمتني بدائها وانسلت«، وعلله المتنبي في هذا البيت الشعري: إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه وصدق ما يعتاده من توهم